نستذكرُ إنسانًا مُلهمًا في ذكرى وفاته في سوريا، في تاريخ 31 أغسطس 2015، فقدت الإغاثة الإسلامية واحدًا من خيرة متطوعيها، نبراس الحلو الشابُ السوري المُتّفاني، الذي خاطر بحياته كل يوم لتقديم المساعدة، فقد حياته عن عمر ناهز 27 عامًا بعد بتر ساقيه إثر إصابات بالغة في غارة جوية.

اسمُ “نبراس” يعني “نموذج يُحتذى به”، يعيشُ اليوم في قلوبنا، لأنه كان شخصًا مخلصًا نشيطًا، يخدمُ بشجاعة الأشخاص الذين أحبهم في مواجهة صراع وحشّي لا هوادة فيه.

نوعية الأعمال التي كان يقومُ بها، كانت بمثابة المُنقذ لأولئك الذين نزحوا خوفا من القصف والموت.

تستحقُ قصةُ حياة وموت نبراس أن تُروى، ليس فقط لتخليد ذكراه، إنما لتذكيرنا بالتكلفة البشرية الهائلة للأزمة السورية، حيث تعملُ الإغاثة الإسلامية بجد أكثر من أي وقت مضى لدعم المحتاجين داخل سوريا وفي البلدان المجاورة، حيثُ يعيش الملايين كلاجئين.

تمكنا من مساعدة أكثر من2 مليون سوري بشكل سنوي بمساعدات إنسانية، بما يزيد عن 190 مليون جنيه إسترليني منذ بدء الأزمة.

قبل أن تبدأ الأزمةُ السورية، كان نبراس على وشك إكمال دراسته الجامعية، ويتطلع إلى مستقبل مليء بالنجاح، ثُم توقفت دراسته عندما اندلعت الأزمة في عام 2011، وأصبح الطالب المتفاني عامل إغاثة متطوعًا متفانيًا، حيثُ بدأ أعمال الإغاثة في منطقته في شمال حماة.

تطوع أولًا كعامل في مخبز قريته المحلية عندما فرّ باقي الموظفين خوفًا على حياتهم، ثم غادر البلدة حينما اشتدّ القصف الجوي، واحتمى بقرية صغيرة في محيط إدلب، وسكن في غرفة صغيرة وسط منزل غير مكتمل البناء.

في أوائل عام 2014، تزوج نبراس وظلّ مع زوجته في غرفتهما الفردية الصغيرة الغير مُجهزة، كان يعيش ويعمل جنبًا إلى جنب مع العائلات النازحة التي خدمها، كان يعمل في نوبات ليلية لمشاريع البناء المحلية والمخابز، حتى يتمكن من الاستمرار في العمل كمتطوع خلال النهار.

قبل أشهر قليلة من وفاة نبراس، أنجبت زوجته ابنته، لكن مع الأسف عاشت أقل من ثلاثة أسابيع، ووقعت فريسّة لمرض لا يمكن علاجه بشكل عاجل في منطقته، التي انهارت فيها الخدمات الصحية بشكل كامل نتيجة للأزمة السورية، كان نبراس يحلمُ بأن يُدفن في مسقط رأسه، لكن هذه الكرامة البسيطة حُرم منها، كانت البلدة محاصرة ولذا فقد دُفن في قرية صغيرة قريبة بدلًا من ذلك.

بعد مرور عام، بدأ العمل الذي تركه لنا نبراس يكبر وينمو من خلال الإغاثة الإسلامية، وسوف نستمر في ذلك طالما استمرت الأزمة. إننا نعبرُ عن احترامنا وتقديرنا الكبير لمن دفع الثمن غاليًا لمساعدة المحتاجين.