يُحذر الأطباء من أن النظام الصحي في سوريا لا يمكنه التعامل مع آثار وباء كورونا

قال أطباء للإغاثة الإسلامية إن المستشفيات في شمال غرب سوريا عاجزة تمامًا عن التعامل مع وباء كورونا، لما عاناه هذا القطاع من أزمات على مدار عقدٍ من الأزمة.

شهدت بعض المستشفيات تضاعف عدد الحالات لديها أربع مرات في الأشهر القليلة الماضية، حيث أدى التأثير الاقتصادي للوباء إلى تفاقم الفقر وسوء التغذية وازدياد مشاكل الصحة النفسية.

اعتاد كل طبيب على استقبال 30 أو 40 مريضًا يوميًا قبل انتشار فيروس كورونا، لكننا الآن نستقبل 150 أو 200 – ليس فقط نتيجة الفيروس التاجي، ولكن بسبب الارتفاع في حالات مرضية أخرى. ففي الأشهر الماضية شهدنا أيضًا زيادة في الأمراض المرتبطة بالتوتر، بما في ذلك الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم، بسبب الوضع المجهول الذي سببه انتشار فيروس كورونا. نشهد إرتفاعًا في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والذين يحتاجون إلى العلاج نتيجة لتفاقم الفقر. يقول الدكتور أحمد غندور الذي يعمل في مستشفى في إدلب: “يجب أن نضع طفلين على كل سرير، لأنه ببساطة لا توجد مساحة كافية”.

“يموت الناس بسبب نقص الأدوية والمعدات، وبسبب إغلاق الحدود والقيود المفروضة على حركة التنقل والسفر نتيجة لانتشار الفيروس. قبل الوباء اعتدنا كل يوم على نقل 30 مريضًا مصابًا بالسرطان من الحالات الحرجة خارج سوريا لتلقي العلاج – والآن لا يمكننا نقل أكثر من أربعة حالات يوميًا، بالرغم من وجود مئات المرضى الذين ينتظرون موعد سفرهم للعلاج المستعجل. أعرف العديد من هؤلاء الأشخاص ربما سيموتون بسبب عدم توفر العلاج اللازم بشكل عاجل”.

يشعر الأطباء بالقلق من أن يؤدي الارتفاع الجديد في أعداد المصابين إلى العديد من الوفيات. “عدد الأشخاص الذين يموتون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية المُعلنة، حيث توفي أغلبهم خارج المستشفيات”. يقول الدكتور غندور: “علينا أن نبتعد عن المرضى، لأننا لا نمتلك الإمكانيات التي تحمينا من انتقال العدوى، ولا نعرف متى أو ما إذا كنا سنتلقى اللقاحات قريبًا”.

بدون اتخاذ إجراءات عاجلة، لن يحصل الكثير من الناس في سوريا على لقاح آمن وفعال. تدعو الإغاثة الإسلامية الدول الغنية إلى ضمان الوصول العالمي والعادل إلى لقاحات Covid-19، بما في ذلك الأشخاص الأشدُ ضعفًا، مثل أولئك الذين نزحوا بسبب الأزمة في سوريا.

بعد 10 سنوات من الأزمة المستمرة، أصبح الوضع الإنساني في شمال غرب سوريا أسوأ من أي وقت مضى. 60٪ من الناس هنا ليس لديهم ما يكفي من الغذاء، والبطالة آخذة في الارتفاع، وكذلك أسعار المواد الغذائية زادت أكثر من الضعف. فهناك 2.7 مليون نازح في شمال غرب سوريا وعشرات الآلاف فقدوا منازلهم في الأشهر الأخيرة، بسبب الفيضانات.

على الرغم من انخفاض مستوى الأزمة في المنطقة منذ العام الماضي، إلا أن المستشفيات لا تزال تعاني من هذا الوضع – فقد تعرضت 15 مستشفى على الأقل مدعومة من الإغاثة الإسلامية في شمال غرب سوريا للقصف في عام 2020. هناك نقص حاد في الإمدادات الأساسية، مثل الأكسجين وأجهزة التنفس، وكذلك في أعداد أفراد الطاقم الطبي – العديد منهم غير قادرين على التنقل من تركيا إلى سوريا، بسبب قيود السفر نتيجة جائحة كورونا.

يقول أحمد محمود *، مدير الإغاثة الإسلامية في سوريا: “بعد عقد من المعاناة في سوريا، يعتقد الناس هنا أنهم وصلوا للحد الأعلى من اليأس والإحباط، نتيجة لما عايشوه من تشريد وموت، ولكن مع قدوم هذا الوباء ازدادت الأمور هنا تعقيدا، مع تفاقم الأزمة لسنوات التي بدورها تركت ملايين الأشخاص معدمين ومشردين، ودفعت بالنظام الصحي لحافة الانهيار. العالم بأسره يكافح الوباء، لكن بعض الأشخاص الأكثر ضعفًا، مثل سوريا ربما يتم نسيانهم بسبب انشغال أغلب الدول بمواطنيها لمواجهة هذا الفيروس. الأطباء هنا مُرهقون ومُتعبون، يعملون ليل نهار ولا يكادون يغادرون المستشفى إلا للنوم. إنهم بحاجة إلى مزيد من الدعم والتضامن من دول العالم. نحث المجتمع الدولي على التأكد من حصول هذه المرافق الصحية على الأموال والدعم الذي تحتاجه، لإنقاذ أرواح الناس هنا “.

تم تمويل نصف خطة الأمم المتحدة وشركائها للاستجابة الإنسانية لسوريا في عام 2020، مما تسبب في عجز هائل قدره 1.7 مليار دولار أمريكي.

تقدم الإغاثة الإسلامية حاليًا الغذاء والرعاية الصحية للنازحين والأشد حاجة في شمال غرب سوريا. في العام الماضي قمنا بتوصيل الطعام إلى أكثر من 770،000 نازح، ودعمنا مشاريع الرعاية الصحية لـ1.2 مليون شخص، وقدمنا معدات الحماية الشخصية (PPE) وغيرها من المعدات الطبية إلى 84 مرفقًا صحيًا. في أواخر عام 2020 افتتحت الإغاثة الإسلامية أول مركز لعلاج مرضى القلب في شمال غرب سوريا.

* تم تغيير الاسم لحماية الهوية