“مستقبل مجهول في إدلب”

أزمة مستقبلية لثلاثة ملايين سوري في إدلب

ثمانِ سنوات مضت على الأزمة السورية، عانى فيها الشعب شتى أنواع الفقر والنزوح.

يواجه حوالي ثلاثة ملايين سوري في إدلب مستقبلًا قاتمًا، ولا حلول للأزمة تلوح في الأفق.

يُعتقد أن مئات المدنيين قُتلوا في أعمال عنف منذ بداية العام، حيث عالجت فرق الطوارئ المتنقلة التابعة للإغاثة الإسلامية حوالي 30 مدنيًا أصيبوا بجروح مرتبطة بالحرب في الأسابيع الأخيرة.

على الرغم من دخول الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ في إدلب، يُعتقد أن أكثر من 200 ألف شخص نزحوا هناك في الأشهر الستة التي تلت ذلك.

” مخيمات النزوح”

يعيش في المخيمات الأن على الحدود السورية التركية أكثر من نصف مليون نازح في حالة من الفقر المدقع، مع تدهور الأوضاع وتضاؤل ​​إمدادات المساعدات وتحويل المجتمع الدولي انتباهه إلى أماكن أخرى.

وقال ناصر حاج حامد، الرئيس التنفيذي لمنظمة الإغاثة الإسلامية: “الأزمة في سوريا لم تنته بعد، وبالنسبة لأكثر من ثلاثة ملايين شخص في إدلب، لا يزال هذا الكابوس الحي لا نهاية له.”

هناك نقص حاد في الغذاء والدواء، ولا تزال العائلات تنزح من قراها بأعداد كبيرة. تنقلت بعض العائلات عدة مرات، خلال رحلة النزوح في السنوات الثماني من الأزمة، واضطر حوالي 40 ألفًا إلى النزوح والمغادرة مرة أخرى الشهر الماضي فقط من منطقة معرة النعمان، بسبب ازدياد حدة التوتر.

“في كل مرة يتعين على الأسرة أن تنتقل بسبب المخاطر الأمنية، أو لأنها لا تستطيع الوصول إلى أبسط الخدمات، فإنها تصبح أكثر فقرًا وعرضة لخطر الانتهاكات، مثل زواج الأطفال والتجنيد القسري في الجماعات المسلحة. غالبًا ما يضطر الأطفال إلى ترك المدرسة، بينما يكافح باقي أسرهم للحصول على وظائف، من أجل الحصول على القليل من المال.

بعد ثماني سنوات من الأزمة، يشعر النازحون في مدينة إدلب أن المجتمع الدولي قد نسيهم. ليس لديهم أي فكرة عما سيحدث لهم بعد ذلك، وهل سيتمكنون من العودة إلى ديارهم، أو أنهم سيعيشون ليروا نهاية لهذه الأزمة.

تعاني المشافي من نقص في الأدوية، لا تتوفر المياه النظيفة والكهرباء، مما يساهم في ازدياد حجم المعاناة، مع نقص مزمن في مواد التخدير، مما يعني أن الناس لا يتلقون إلا تخفيفًا جزئيًا للألم أثناء العمليات.

فر العديد من الأطباء وموظفي المشافي من البلاد، في حين أن الباقين لا يتلقون رواتبهم في كثير من الأحيان، مما يضطرهم إلى فرض رسوم على المرضى مقابل علاجهم.

تنتشر الأمراض مثل الالتهاب الرئوي، ولا يستطيع الناس الحصول على الرعاية المناسبة لأمراض مثل السرطان ومشاكل الكلى.

كما أننا نشهد تدفقًا مستمرًا من الأطفال المصابين وحتى القتلى، بسبب مخلفات الحرب المخبأة وسط أنقاض المنازل والمباني المدمرة.

“الموت أفضل من الحياة”

أم قاسم أرملة تعيش في إدلب: “نزحنا سبع مرات بسبب الحرب”.

عندما ننزح إلى مكان ما نقيم فيه لعدة أشهر، ومن ثم يشتد التوتر مما يضطرنا للنزوح مرة أخرى.

 

واصلنا التنقل بين القرى الصغيرة، مررنا بالكثير منها لدرجة أننا نسينا أسماؤها.

نضطر في بعض الأحيان للإقامة لعدة أيام فقط، ومن ثم ننتقل الى مكان أخر، بسبب القصف من الطيران الحربي،

المكان الذي يمكننا الحصول منه على الدواء هو الصيدلية المجانية الوحيدة في المنطقة. قد نتعافى في غضون عام، أو لا نتعافى على الإطلاق. كل هذا يتوقف على ما يمكنك الحصول عليه من دواء مجاني.

لا تتوفر الأدوية بشكل جيد، والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها.

“أتمنى الموت في بعض الأحيان”

قد يكون الموت أفضل بكثير من هذه الحياة، عندما تضطر إلى التسول للحصول على الطعام، ما هو الهدف من الحياة…؟؟؟

قدمت الإغاثة الإسلامية الدعم للقطاع الصحي، واضطرت بعض المستشفيات والمرافق الكبرى إلى إغلاق خدماتها أو تقليصها بشدة، بسبب ضعف التمويل.

وأضاف الحاج حامد: “هناك شعور كبير بالذعر في إدلب الآن، حيث تضطر المزيد من المرافق الصحية إلى الإغلاق، ويموت الناس أو يعانون من آلام حادة، لأنهم لا يستطيعون الحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه. مرة أخرى، المدنيون المحاصرون هم الذين يجدون أنفسهم يتعرضون للهجوم على جميع الجبهات. أينما كانوا وبغض النظر عمن يتحكم بهم، يجب أن يحصل الناس على الرعاية الصحية المنقذة لحياتهم، ويجب على المجتمع الدولي أن يكثف جهوده لضمان استمرار وصول المساعدات.”

الأطفال يتعرضون للخطر

دفع النزوح المتكرر العائلات إلى حافة الهاوية، حيث أفاد العديد منهم بأنهم يعيشون فقر مدقع ويعانون من مصاعب كبيرة في الحياة.

مع انهيار الدخل ومستويات المعيشة، أفادت الفرق العاملة في مدينة إدلب بانتشار استخدام عمالة الأطفال على نطاق واسع، من أجل الحصول على القليل من المال كدخل شهري لأسرهم.

في أحد مخيمات النزوح المخصصة للأرامل، قالت هديل، فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا، “إن بعض الفتيات تم تزويجهن من قبل أمهاتهن.”

يتعرض الأطفال أيضًا لخطر العنف، حيث يضطرون إلى المشي لأميال للذهاب إلى المدرسة، حيث تم تدمير المدارس المحلية أو إغلاقها بسبب نقص المعلمين.

قال حاج حامد: “الخطر الذي يواجه الأطفال كل يوم غير مقبول إطلاقًا، لا يشعرون بالأمان في منازلهم أو خيامهم، ولا حتى في طريقهم إلى المدرسة أو في المدرسة، ولا أمان بشأن مستقبلهم، نخاف من أنهم إذا لم يقعوا ضحية للقنابل أو الرصاص، فقد ينتهي بهم الأمر مجبرين على الانخراط في أنواع خطيرة من عمالة الأطفال وغيرها.

يستمر الوضع في إدلب بالتراجع أكثر على قائمة أولويات المجتمع الدولي، لكن لا يمكننا أن نسمح لهذه المأساة أن تتكشف دون أن يلاحظها أحد، وألا يعرف الأطفال هنا سوى المعاناة.

“لا يمكن للمجتمع الدولي أن ينظر بعيدًا، لأن أطفال إدلب وسوريا يجب أن يواجهوا عامًا آخر من العنف والتشرد والحرمان.”

 نحن بحاجة ماسة إلى حل سلمي دائم لكامل الأراضي السورية.

من الضروري أيضًا الحصول على دعم إنساني فوري لإنعاش الاقتصاد والخدمات الأساسية، حتى لا يضطر الناس بعد الآن للجوع، وكي يتمكنوا من الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وألا ينام الأطفال بعد الآن خائفين ما إذا كانوا سيستيقظون. أم لا.

“ثماني سنوات من تلك المآسي، كانت أكثر من اللازم”.

تقدم الإغاثة الإسلامية المساعدات الإنسانية في مدينة إدلب، وهي واحدة من المنظمات غير الحكومية الدولية التي لا تزال تعمل في الداخل السوري.

وصلنا في العام الماضي وحده إلى ما يقارب من 2.5 مليون شخص في سوريا، كما نقدم دعمًا مكثفًا للاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق.

ساعدنا على الاستمرار في تزويد الشعب السوري بشريان الحياة