8 سنوات من النزوح والتشرد

يصادف هذا الأسبوع الذكرى الثامنة للأزمة المدمرة في سوريا والتي خلفت أكثر من 13 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية الأساسية. لا زالت الإغاثة الإسلامية في الميدان طيلة فترة الأزمة، حيث قدمت ما يقارب من 287 مليون جنيه إسترليني من المساعدات، بينما تستمر احتياجات السكان في التصاعد.

 

مع نزوح ستة ملايين سوري من ديارهم، يعيش الكثير منهم الأن في ظروف مزرية، ويواجهون تهديدات بشكل يومي على حياتهم وكرامتهم ورفاهيتهم. فهناك نقص مستمر في الغذاء والماء وعدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية مما أدي لتعريض صحة النازحين للخطر.

 

على مدى السنوات الثماني الماضية، عملت الإغاثة الإسلامية مع المتضررين من الأزمة في سوريا لتلبية احتياجاتهم الملحة ومساعدتهم على التكيف مع ما أصبحوا عليه من واقع مأساوي جديد، والتعايش مع الأزمة التي لا تزال نهايتها مجهولة حتى اللحظة.

لقد زودنا ثلاثة ملايين أُسرة بسلَّات غذائية طارئة وكذلك سهلنا لأكثر من مليون أُسرة الوصول للرعاية الصحية. لقد ساعدنا نصف مليون شخص للتغلب على تحديات الحياة المعقدة خلال فصل الشتاء البارد، وساهمنا في تعليم 20 ألف طفل كانوا سيغيبون عن المدرسة نتيجة للأزمة.

يقول أحد الأطفال الذين تلقوا دعم من الإغاثة الإسلامية، وهي فتاة أُجبرت على الفرار من منزلها في دمشق عندما تصاعدت الأزمة قبل ثماني سنوات.

 

حياة غير مستقرة

“هربت مع والدتي في منتصف الليل متنقلة من مدينة إلى أخرى، ومن قرية إلى قرية، بحثًا عن الأمان بعد وفاة والدي أثناء الأزمة. لقد أمضينا تسعة أشهر نعيش في حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار “.

لقد قضينا عدة أيام في العراء حتى توفرت لنا خيمة. كان الأمر صعبًا للغاية ولم أستطع النوم في تلك الليلة. كان لدي الكثير من الآمال والمخاوف والمشاعر المختلطة التي تجول في ذهني.

تقول شهد: “على مدى عدة أشهر، بدأ الشعور بالمسؤولية يكبُر”. فعندما وَجَدت والدتي فرصة للعمل حصلَّت بعض المال لشراء بعضٍ من متطلبات الحياة الأساسية.

تنتقل شهد وعائلتها من مخيم إلى آخر منذ سنوات.

“انضممنا إلى مدرسة في أحد المخيمات المجاورة. لقد أمضينا عامًا كاملًا في الدراسة، لكن التعليم لم يكن يتناسب بما اعتدنا عليه في السابق، لذا كان علينا البحث عن مدرسة أخرى والانتقال إلى مخيم آخر “.

تعيش الأسرة منذ أربع سنوات في حالة تشرد ونزوح، حيث تنتقل من مخيمٍ إلى آخر بشكل مستمر، بحثًا عن مكان يتوفر فيه الغذاء والرعاية الصحية والمدارس ذات المستوى التعليمي المقبول.

تقول شهد: “إن الأزمة في بلدنا مستمرة منذ ما يقارب ثماني سنوات”. وفي ظل هذه الصعوبات تعيش والدتي حالة من الحيرة وتمدنا بدعمٍ معنوي وتشد على أيادينا لتحقيق النجاح، والحمد لله لم نُخيب ظنها.

“في نهاية كل عام دراسي، نحصل أنا وإخوتي على مرتبة التميز في نتائج الامتحانات مما يملأ قلب أمي بالفرح والسعادة، ونرى دموع الفرح في عينيها – حقًّا إنه يومٌ عظيم.

تقول شهد: “أحلم بأن أصبح طبيبة حتى أستطيع معالجة جميع الأطفال الذين يعانون من هذه الأزمة، وأن أقدم لهم المساعدة اللازمة ليعيشوا بسلام”. أسأل الله أن تنتهي هذه الأزمة وأن نعود لبلدنا وشعبنا وكل أصدقائنا.

 
سوريا لا تزال بحاجة إلى مساندتكم

ساعدت الإغاثة الإسلامية عائلة شهد بكافة الاحتياجات الأساسية للنجاة من ظروف الشتاء القاسية في المخيم من خلال تزويدهم بالبطانيات والمراتب الدافئة – ما ساهم في إعطائهم بعضًا من الأمل ليتمكنوا من تجاوز محنة العيش خلال فترة الأزمة.

عائلة شهد هي واحدة من الآلاف الذين فروا من منازلهم على أمل العودة بمجرد انتهاء الأزمة، لكن هذه النهاية لم تلوح في الأفق بعد، فهم يحاولون التنازل عن أغلب حقوقهم الأساسية في سبيل التعايش مع وضعهم الجديد، لكن لا تزال حياتهم محفوفة بالمخاطر ومستقبلهم لا يزال غير واضح المعالم.

تبذل الإغاثة الإسلامية كل ما في وسعها لمساعدة أولئك الذين وقعوا في محنة هذا الأزمة المظلمة. ففي العام الماضي وحده ساهم دعمنا المستمر بمساعدة أكثر من 2.9 مليون شخص في سوريا والبلدان المجاورة. تعرف على المزيد حول استجابتنا للأزمة في تقريرنا التالي، سوريا: ثماني سنوات من مساندة المتضررين.